دمشق في 25\12\2015
في الثاني عشر من كانون الاول من كل عام تمر الذكرى السنوية للإعلان لتأسيس الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي ,والتي جاءت كرؤية سورية وطنية لدرء ما يمكن من المخاطر والالام التي اصابتنا جميعا خلال السنوات الماضية, بعد انكشاف وطننا سورية الحبيبة أمام تطورات داخلية عنيفة ومتسارعة: ساد فيها التدمير المنهجي لجميع البنى المجتمعية عبر صراعات مفتوحة وحروبا ونزاعاتٍ داخلية مسلحة عنيفة والأفظع دموية, ما بين عدة اطراف حكومية وغير حكومية, مما أدى الى تعريض النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي فيها لمخاطر شديدة. فقد تحركت كل الانتماءات المذهبية والاثنية والقبلية، سواء بفعل عوامل خارجية أو داخلية، عملت على إحداث انقسامات مُتَعَمَّدَةٍ دفعت بالسوريين نحو صراعات داخلية دموية, مع التدمير والقتل والتخريب بتواصل استهداف المدنيين واماكن السكن بالقصف الجوي والعشوائي, من قبل طيران التحالف الدولي وطيران الاتحاد الروسي وطيران الحكومة السورية والقصف بالقذائف العشوائية والصواريخ من قبل المعارضة المسلحة, إضافة لوقوع عدة مجازر انتقامية وتفجيرات ارهابية, بحق الأبرياء العزل, وتزايدت اعمال الخطف والاختفاء القسري من قبل مختلف التنظيمات المسلحة والاعتقالات التعسفية من قبل الجهات الامنية الحكومية, مع الانفتاح الى ممارسات ارهابية جديدة تعمل على التصفيات والاغتيالات والتطهيرات العرقية والأثنية والدينية, وكذلك الانتشار الفظيع للدعوات والحملات الاعلامية الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي تساهم بزيادة حالة العنف والاقتتال التي تولد الفوضى والعنف والانغلاق وعدم التسامح ومصادرة الرأي والرأي الآخر وعدم احترام حقوق المواطن الاقتصادية وغياب الحماية الاجتماعية له ورفض مشاركة مؤسسات المجتمع المدني في إبداء الحلول الناجعة .
لقد جاء تأسيس الشبكة ,كإعلان عن مخاوفنا الوطنية السورية على السلم الأهلي والتهديدات بتفتيت النسيج المجتمعي ولحمته الوطنية,واخطرها: انفجارالاصطفافات ما قبل الوطنية وانتشارها , وتراجع حالة الهدنة المجتمعية ونكوص في العلاقات الاجتماعية لصالح تحريك النزعات المضادة للمواطنة وزيادة وتيرة الانتقاص من حقوق المرأة والأقليات ,وفي ظل عدم توافر تقاليد الممارسة الديمقراطية، وغياب الإيمان الحقيقي بها، وترافق ذلك مع اتساع مساحات العنف المسلح بمختلف تمظهراته , مع انتشار الفوضى المجتمعية والفلتان الأمني, وغياب سيادة القانون ,وانتشار ظاهرة الاعتداء على الممتلكات العامة والمؤسسات العامة.
كل ما سبق توافق مع الغياب التام لأي افق سياسي سلمي للحل, يكون فحواه وجوهره الوطن السوري الموحد والديمقراطي, وهدا يستند على الرفض القاطع لمختلف التمثيلات السياسية السورية الاحتكام الى الحوار والى اليات ديمقراطية والقبول بنتائجها, وهدا يمتد الى ارتباط هذه التمثيلات بالنفوذ الخارجي المختلف المصالح اقليميا ودوليا, مما جعل خوض مختلف الصراعات والمعارك الاقليمية والدولية على اراضينا وبتفاصيل سورية
ونظراً لما تُنْذِرُ به هذه التحولات السلبية من مخاطر على استقرار سورية ووحدتها ومستقبل شعبها ، فقد تم التوافق بين عدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية في العديد من المناطق السورية، على تشكيل إطار حقوقي يهدف إلى التصدي للآثار السلبية الناتجة عن تلك التحولات ومخاطرها المستقبلية، وتَبَنِّي البرامج التي تساعد على تَخطِّيها، ونشر ثقافة وقيم ومفاهيم المواطنة والديمقراطية والتسامح في المجتمعات المحلية,وبعد بحث مستفيض تم الاعلان بتاريخ 22\12\2014 على تأسيس الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي. التي سمحت لنا بطرح إعادة صياغة عقد وطني مجتمعي بين كافة أطراف ومكونات المجتمع من أجل حماية مستقبل سورية الوطني والديمقراطي وتعزيز ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وتشكيل سياج مجتمعي أساسه المواطنة يصون كرامة المواطن ويعلي شأن الإنسان ويحمي شبكة الحريات والحقوق للأفراد والجماعات مما يساهم بتثبيت أركان السلم الأهلي ومغادرة ثقافة العنف,مع ايماننا المطلق والحضاري، بالأهمية الفائقة لدور مؤسسات المجتمع المدني في العمل من أجل تعزيز مفهوم السلم الاهلي وعلاقة الفرد بالمجتمع والمواطن بالدولة, وفي تعزيز لغة الحوار بين ثنايا طبقات المجتمع من اجل ترسيخ مفاهيم تقبل الآخر بعيدا عن العنف والإقصاء باحترام التعددية العقائدية والسياسية والدينية وتقبل الرأي والرأي الآخر كظاهره صحيه بعيدا عن التعصب وتفعيل الحوار البناء وتكثيف اللقاءات المباشرة والندوات وورش العمل المباشرة كفيله لتأسيس علاقات متينة بين أفراد المجتمع.
وما زلنا نرى ان تأسيس الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي، يمكن ان يساهم في إخراج البلاد من الأزمة الوطنية الشاملة التي تتخبط بها، وذلك عبر:
∙ إنتاج موقفا إنسانيا يحمي حاضرنا ويحفظ مستقبلنا ويجمعنا تحت شعار السلم والسلام لسورية، ويخرجنا من الاصطفافات الطائفية والمذهبية التناحرية ويوقف الانزلاقات الدموية الأهلية.
∙ إطلاق تسوية تطوي صفحة الماضي الأليم بين مختلف المكونات المجتمعية السورية على قاعدة الاحترام المتبادل والدعم المتبادل
∙ ضرورة المساهمة في بناء ثقافة سورية وطنية و جامعة وكركيزة أساسية للسلم الأهلي الدائم ,ويكون أهم عناصرها نبذ كل أشكال العنف والاستقواء وإرساء ثوابت في المشاركة وفي احتواء النزاعات بالتفاوض وتطوير هذه المبادئ في إطار نمط ذاتي في التغيير
∙ ضرورة تحصين السلم الأهلي وحقوق الإنسان في سورية,عبر نشر وتعزيز ثقافة المواطنة والديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام والدفاع عن الحريات وحمايتها، وأهمية المشاركة في الشأن العام
مستندين في مرجعيتنا الفكرية والحقوقية الى ايلاء الاهمية القصوى لثقافة المواطنة وحقوق الإنسان والتسامح وقيم الديمقراطية وترسيخها في الثقافة المجتمعية. وما زلنا في الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي، وبالتعاون مع جميع فئات المجتمع السوري وأطيافه، نؤكد على ضرورة السعي الحثيث وبكافة الوسائل السلمية الممكنة، لتحقيق الأهداف التالية:
1) العمل على مناهضة كافة أشكال ومظاهر العنف والتعصب على المستويين الحكومي وغير الحكومي والشعبي في سورية، وإشاعة ثقافة السلم المجتمعي والتسامح والتقاليد الديمقراطية الحقيقية.
2) إعلاء شأن مبدأ الحق في الاختلاف واحترام هذا الحق، وتطبيقه على أرض الواقع، والدفاع عن استمراره وتغذية ثقافة الاختلاف بما هي اغناء ودعم لصنع مناخات المستقبل الآمنة.
3) الإعلاء من شأن قيم حقوق الإنسان والمواطنة والديمقراطية والتسامح، وفي مقدمتها الحق في المعتقد، دينياً كان أو غيره، والحق في حرية الرأي والتعبير عنه، والحق في التنظيم النقابي والتجمع السلمي والتعددية السياسية.
4) بذل كافة الجهود الوطنية السورية للانتقال تدريجيّاً بالبلاد من حالة فوضى المكونات الطائفية والاثنية والقومية الى دولة العيش المشترك وثقافتها القائمة أصلا على الاعتراف بالآخر المختلف، والقدرة على الشراكة معه والتضامن، واعتبار التنوع مصدراً لإغناء الشخصية الفردية والجماعية، الى نبذ العنف والتداول السلمي للسلطة
5) السعي لتحقيق العدالة الانتقالية بضمان العدالة والإنصاف لكل ضحايا الأحداث في سورية وإعلاء مبدأ المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، كسبل أساسية تفتح الطرق السليمة لتحقيق المصالحة الوطنية من أجل سورية المستقبل الموحدة والتعددية والديمقراطية. الأمر الذي يتطلب متابعة وملاحقة جميع مرتكبي الانتهاكات، سواء أكانوا حكوميين أم غير حكوميين، كون بعض هذه الانتهاكات ترتقي لمستوى الجرائم ضد الإنسانية وتستدعي إحالة ملف المرتكبين للمحاكم الوطنية والدولية.
6) تلبية الاحتياجات الحياتية والاقتصادية والإنسانية للمدن المنكوبة وللمهجرين داخل البلاد وخارجها، وإغاثتهم بكافة المستلزمات الضرورية.
7) العمل السريع من أجل الكشف عن مصير المفقودين وإطلاق سراح كافة المختطفين، أيا تكن الجهات الخاطفة، ودون قيد أو شرط.
8) العمل الشعبي والحقوقي من كافة مكونات المجتمع السوري ,من اجل مواجهة وإيقاف المخاطر المتزايدة جراء الممارسات العنصرية التي تعتمد التهجير القسري والعنيف والتطهير العرقي,والوقوف بشكل حازم في وجه جميع الممارسات التي تعتمد على تغيير البنى الديمغرافية تحقيقا لأهداف ومصالح عرقية وعنصرية وتفتيتية تضرب كل أسس السلم الأهلي والتعايش المشترك.
9) العمل على توجيه الخطاب الديني حتى يكون رافداً أساسياً في تعميم ثقافة التسامح وقيمه، والدعوة لنبذ كافة أشكال التحريض ضد المختلِف، ونبذ التشدد والتطرف العقائدي والمذهبي.
وبعد تداول هذه الوثيقة منذ اكثر من عامين قبل اعلان التأسيس، وعاما بعد التأسيس، فقد تم استلام المئات من طلبات التأييد والانتساب الى الشبكة، من مختلف الفعاليات الدينية والاجتماعية والعلمية والسياسية والحقوقية، الى بريد لجنة تنسيق الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي، ومازالت اللجنة تستقبل جميع الطلبات من جميع المواطنين السوريين الذين يرون أنفسهم جزءا من الشبكة ،عبر ارسال طلب انضمام الى العنوان التالي:
دمشق في 25\12\2015
لجنة تنسيق الشبكة الوطنية السورية للسلم الأهلي والأمان المجتمعي